[وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمير الجيش عند الغزو]
في حديث بريدة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا بعث أميراً أو جيشاً أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، وقال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً...» الحديث في «الصحيح»([1]).
جمع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الجليل جميع ما يلزم لأمير الجهاد وآداب الجهاد وحدوده وشروطه ومكملاته، ونهى عن كل ما يخل به أو ينقصه؛ فأوصى الأمير بأمرين:
لزوم تقوى الله التي هي النجاة، والعصمة في الدنيا والآخرة وهي السبب في حصول الخيرات وفي دفع الشرور والآفات وفي النجاة من المكاره والهلكات.
والثاني: وصاه بمن معه من المسلمين خيراً، وذلك شامل لبذل كل ما يستطيع من نفعهم في دينهم ودنياهم، والرفق بهم والإحسان إليهم والحنو عليهم؛ فإن الأمير متى اجتمع له الأمران؛ تم أمره وصلاحه، واستقامت له الأمور، ويسره الله لليسرى، وجنبه العسرى.
وأما قوله: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله»؛ فهو وصية للجيش كلهم أميرهم ومأمورهم بالاستعانة بالله والإخلاص والمتابعة والإصابة. وبهذه الأمور الأربعة تكمل هذه العبادة.
فقوله: «باسم الله»؛ أي: استعينوا بربكم، واعتمدوا عليه، وتوكلوا على حوله وقوته في غزوكم وجهادكم.
وقوله: «في سبيل الله»: هذا هو الإخلاص وسبيل الله هو الطريق الموصل إليه، وهو القتال؛ لتكون كلمة الله هي العليا، ويتضمن أيضاً المتابعة.
ثم قوله: «قاتلوا من كفر بالله»؛ أي: قاتلوا الكفار لا المسلمين لأجل كفرهم وحرابهم وصدهم عن سبيل الله، ثم نهاهم عما يضاد ذلك، وهو قوله: «ولا تغلوا...» إلى آخر ذلك.
فإن هذه المذكورات من أكبر القوادح في الجهاد وعن أسباب الضعف وفشل المسلمين وأسباب انتصار العدو عليهم.
فهذا الحديث الشريف محتوٍ على الأسباب النافعة والحث عليها وبيانها، وعلى التحذير من الموانع الضارة. والله أعلم.
[1] ـ أخرجه: مسلم (1731) من حديث بريدة رضي الله عنه.
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
لجامعها فضيلة المرحوم شيخنا
عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي
تغمّده الله برحمته ورضوانه بمنّه وكرمه
jتحياتي .. mahamed